حكاية ( الشاب محروس والتنين ذو التسعة رؤوس )

تغلغلت رائحة العنب الى مشام التنين العملاق .. فمد أحد رؤوسه من الخندق ليستطلع الأمر .. ثم مد الثاني .. فالثالث ..
وهكذا حتى أخرج رؤوسه التسعة يتطلع بهن الى مصدر الرائحة الشهية ..
وهنا … ولأول مرة ..
خرج التنين من خندقه وأخذ يسير على أطرافه الأربعة حتى وصل الى الجرار التسعة .. فتطلع إليهن ثم أخذ ينظر برؤوسه في جميع الجهات وكأنه كان يشك بالأمر .. لكن في النهاية تغلبت شهيته على حذره فمد رؤوسه التسعة وأخذ يرتشف العصير من الجرار بنهم حتى أتى عليهن جميعا ..
محروس كان يراقب العملية من بعيد فاستنتج من خلال ذلك أن التنين يتصرف كما لو أن له عقلٌ واحد ..
فجميع الرؤوس انجذبت للرائحة فتصرف الجسد وفقاً لذلك .. وجميعها خالطها الحذر قبل أن تشرب ثم شربت في وقتٍ واحد ولم تتخلف بعض الرؤوس للحراسة مثلاً وهذا ما يؤكد نظريته التي سيسخّرها لصالحه كنطقة ضعف على التنين ..
وبينما كان محروس يراقب الوضع .. إذ اقترب من ناحيته فارس على جواده يتبعه رتلٌ من الجنود ..
الفارس قدم نفسه لمحروس قائلا :
أنا الفارس رستم .. وقد قدمتُ كي أقضي على ذلك التنين .. فأنا أملك درعاً وسيفاً صنعهما لي أمهر السحرة في العالم .. لذا ليس لهذا التنين فرصةٌ أمامي ..
قام محروس من جانبه بتقديم نفسه .. وأخبره أن لديه خطة للقضاء على التنين وتحرير الأميرة ..
هنا فكر رستم باستغلال محروس الساذج الطيب الذي لا يفكر سوى بإنقاذ الأميرة بصرف النظر عن الزواج بها .. فأخبره أنه مستعد لمساعدته في خطته ..
وهكذا انطلق الإثنان للأمام فيما بقي الجنود يراقبون من مكانهم تطور الأوضاع ..
قال رستم لمحروس :
أين فرسك ؟
أجاب :
لست بحاجة لها .. فلدي ما هو أفضل .. لدي هذا الحذاء الذي أرتديه الآن ..
رستم :
إن لم يكن حذاءاً عجيباً فلن ينفعك في شيئ ..
ضحك الإثنان وهما يواصلان طريقهما حتى بلغا التنين الذي بان لهما أخيراً من خلال ضباب الفجر الكثيف .. وحالما شاهده رستم حتى فزع وكاد يسقط من جواده وقال :
يا إلهي .. ما الذي أخرجه من خندقه ؟؟
محروس :
إن استدراجه من مخدعه هو جزء من الخطة .. فاهدأ وراقب ما سأفعل ..
بدأ تأثير المخدر العصبي يأخذ مفعوله .. فأخذت رؤوس التنين تتخبط فيما بينها وتتشاجر مع بعضها بمجرد احتكاك أحد الرؤوس مع الآخر ..
ثم مالت الرؤوس على الجرار فحطمتها بشراسة وأخذت تطلق زعيق متواصل يكاد يصم الآذان وكأنها قد اكتشفت الخدعة وباتت تطالب بالثأر والإنتقام ..
هنا سقط رستم من حصانه وهرب حتى اختبئ في أحد الجحور كالجرذان تماما ..
أما محروس .. فقد استجمع رباطة جأشه واتجه الى عمودين كان قد ثبتهما على الأرض وشد بينهما وتراً مطاطياً تماماً كالقوس لكن بحجمٍ أكبر ..
ثم أخذ رمحاً ووضعه على الوتر وشده بقوة ووجهه نحو أحد الرؤوس فناداه رستم من جحره قائلا :
ماذا ستفعل يا مجنون ؟؟ ستتسبب بهلاكنا جميعا .. ألا تعلم أنه لا سلاح يؤثر على التنين .. باستثناء سيفي ربما ..
لكن محروس لم يصغي إليه وأطلق رمحه .. فانطلق الرمح يشق الضباب حتى اخترق جمجمة أحد الرؤوس !!!!
أخذ ذلك الرأس يضج ويتلوى حتى سقط أخيراً على الأرض بلا حراك ..
لقد مات الرأس !!!
تمكن بشريٌ ما أخيراً وبعد الكثير من المحاولات الفاشلة من قتل أحد الرؤوس التسعة لذلك التنين العظيم ..
حتى ان رستم قد ذهل وهو في مكانه لكن ذلك لم يشجعه للخروج من جحره ..
إقتربت بقية الرؤوس ببطئ من الرأس الميت وأخذت تقلّبه بفكوكها .. فلما تأكدت من موته .. إلتفتت جميعاً نحو محروس ومدت أعناقها نحوه فتراجع هو الى الخلف بخطوات حذرة .. حتى أن رستم قد قال :
ها قد مات الفتى الشجاع ..
لتكملة القصة اضغط على الرقم0 2 في السطر التالي 👇